إن طُبقت صح.. فهي معجزة!

يرد المستطلعون على من ينتقد حجم عيناتهم، وكيف يمكن لجزء صغير، من أفراد المجتمع، أن يعبر عن الملايين الآخرين، بأنه على الطبيب أن يفحص كامل دمهم الشخص وليس عينة منه! ورغم اختلاف السياق بين الدراسات الاجتماعية والدراسات الطبية، إلا أن موضوع اختيار العينات ليس بالسهولة التي قد يظنها البعض، ولا يستحق النقد الذي يقوم به آخرون!

هناك عدة معايير تحكم حجم العينة، كعدد الأسئلة، وطبيعة المجتمع، والمستجيبين، ومستوى التحليل الإحصائي الذي سنستخدمه، ومستوى العلاقات والروابط وتعقداتها، ودرجة تجانس المجتمع أو تنوعه، فكلما زاد تجانس المجتمع كلما قل حجم العينة، وكلما زاد التنوع والاختلاف فيه زادت، إضافة إلى عوامل أخرى، كالإطار الزمني والمالي، ودرجة الدقة التي نحتاجها، ومدى صعوبة الأسئلة واحتمالية التحيز فيها، والعلاقة مع البيانات الديموغرافية (النوع، العمر…الخ).

تدرس هذه المعايير بشكل تفصيلي أثناء مرحلة التخطيط والتجهيز للدراسات الاستطلاعية، ويعرض بعضها في تبرير عدد العينة، بالإضافة للمثالية في طريق اختيارها، وتصميمها بأن يكون كل أفراد المجتمع في سلة واحدة ولهم نفس الفرصة بأن يسألوا وفق الاختيار العشوائي.

نظرا لدقة هذه المعايير، أصبح من المعتاد وجود خبير إحصائي ضمن فريق العمل يتابع أي دراسة من بدايتها، ويقوم بدراسة المجتمع تمهيدا لسحب العينة ومناقشة كل هذه المعايير بشكل جماعي مع الباحثين.

هناك مقاييس خاطئة ومنتشرة في هذا المجال، مثل القول باختيار نسبة 2% من المجتمع كعينة! وهي نسبة قد تترجم إلى أعداد كبيرة جدا في مجتمعات تعدادها بالملايين، وهذا أمر غير منطقي وغير متعارف عليه في ممارسات أي جهات استطلاعية.

وفي المقابل، هناك معادلات اقترحها بعضهم، مثل أن يكون لكل سؤال بسيط 30 مفردة، بمعنى انه يكفي 300 مفردة لاستمارة مكونة من عشرة أسئلة بسيطة خالية من التعقد، لكن في حال ازداد التعقد فإننا قد نحتاج الى عشرة أمثال هذا الرقم، وأن نصعد من 300 إلى ألف، وقد يطالب البعض بالزيادة على هذا العدد، ويرد عليهم بأن زيادة العدد بعد الألف وصولا إلى 1500 أو 2000، ستؤدي إلى انخفاض نسبة التغير الإحصائي ونتائجه، وقد جربت بعض الجهات الكبرى في قياس الرأي العام سحب عينة من آلاف المفردات، لكنها وجدت أن التكلفة المالية وما يبذل من وقت يهدر لا يستحق العناء، كما وجدت بعض الدراسات أن زيادة حجم العينة قد تؤدي إلى أخطاء في جمع البيانات، وزيادة التحيز، خاصة إذا استخدمت بعض الطرق التقليدية.

وإذا كانت التكرارات عامة ووصفية يمكن التهاون في حجم العينة، خاصة إذا قلت الميزانية المتوافرة أو ضاق الوقت المتاح، كما أن زيادة حجم العينة لا يقود بالضرورة إلى كثرة الاستجابات ولاسيما في الاستطلاعات الحساسة، وفي بعض الاستطلاعات الإلكترونية التي أشرفت عليها تم إرسال الرابط إلى 20 ألفا عشوائيا برسالة SMS ولم يستجب منهم إلا نحو 500 فقط.

وكما قال أحد القياديين في قياس الرأي العام (المدير التنفيذي السابق لمنظمة غالوب)، إن الوصول إلى عينة مثالية هو بمنزلة معجزة إذا تمت بالطريقة الصحيحة (If it’s done right، it’s miracle).

 

د. سامر أبورمان المشرف العام لمركز عالم الآراء

samir@worldofopinions.org