الجوائز الشبابية العربية.. والعامل مع الشباب

الباحثة / فاطمة محمد الأمين موسى 

 

مقدمة:

اعترافاً بدور الشباب الريادي في قيادة مسيرة الإنماء والتنمية، تتسارع وتتكاتف مختلف الجهود الرامية إلى دعم أفكارهم النيِّرة، وتبنيإبداعاتهم وابتكاراتهم، وصقل مواهبهم في مختلف المجالات العلمية والتقنية والثقافية والاجتماعية. وفي هذا الإطار، تلعب دافعيَّة الإنجاز والتحفيز دورًا مهمًّا في رفع مستوى أداء الشباب وإنتاجيَّتهم في مختلف المجالات والأنشطة التي يواجِهونها، فذلك الشعور الذي يحصل عليه أحدهم نتيجة التحفيز المادي أو المعنوي… إلخ، سيدفعه إلى تقديم أفضل ما لديه، ويساعده على توجيه سلوكه، بما يؤهله في نهاية المطاف لتحقيق أهدافه والنجاح في حياته[i].

واتساقاً مع ما تَقدَّم، تبرُز الجوائز الشبابية كأحد أهم آليات التحفيز التي ساهمت في تشجيع الشباب على مواصلة الإبداع لتحقيق المزيد من الإنجازات، وعلى الرغم من أن الوعي بهذا النوع من الجوائز في العالم العربي جاء متأخراً، مقارنةً مع العالم الغربي، الذي اعترف مبكراً بدورها في تطوير الفنون والأدب والعلوم، إلا أنه لا يمكن إنكار ما أَسهمت به هذه الجوائز كبادرة فتحت شهية الشباب العربي لمزيد من الإبداع والتميز في شتى المجالات.

ومن هذا المنطلق، جاء هذا المقال ليُسلط الضوء على أبرز هذه الجوائز، مع توضيح شروطها ومجالاتها ومزاياها، حتى يمكن الاستفادة منها من قِبل الراغبين في التقدم لنيل هذه الجوائز، ثم ربطها بالعاملين مع الشباب الذين يلعبون دورًا أساسيًا في بناء قدرات الشباب وتحفيزهم .

الجوائز الشبابية العربية.. أجواء تنافسية لتمكين الشباب:

في مسار موازٍ لخُطى الجوائز الشبابية على مستوى دول العالم، تُفرض لكل جائزة عربية قوانينها وشروطها، ويترأسها لجان تحكيم متخصصة لفئة المسابقة، ويحكُمها نُظم داخلية، ومعايير تضمن تَحَقُّق عناصر العمل الإبداعي. كما تخضع هذه الجوائز عادةً للمتابعة والنقد من قِبل الأوساط المجتمعية المعنية بالجائزة، باعتبارها إحدى الفعاليات التي تهم كل المجتمع وليس المؤسسة المانحة للجائزة فقط. وعلى الرغم من الاختلاف النسبي فيما بين شروط التقدم للحصول على هذه الجوائز من دولة عربية إلى أخري، إلا أنه يجمعها السعي نحو اكتشاف مواهب حقيقية من خلال الارتكاز على مبادى الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية في الترشيحات.

ونستعرض فيما يلي نماذج من الجوائز التي تم تخصيصها للشباب، مصنفة ومعروضة وفقًا لتباين أهدافها، وغاياتها، وتطلعاتها:

  • جوائز متخصصة في مجال ما، كتلك التي تُمنح في تخصص علمي أو فن أدبي بعينه:

ويُلاحظ أن “محور الإبداع الروائي” قد اعتلى قمة الجوائز المُخصصة للشباب في العالم العربي، حيث شهدت الساحة الثقافية العربية في الآونة الأخيرة ميلاد العديد من الجوائز الأدبية، التي كرمت الكُتاب والمبدعين في التميز الروائي، وقد ساهمت هذه الجوائز وعلى رأسها “الجائزة العالمية للرواية العربية”، المعروفة بـ”جائزة البوكر في نسختها العربية”.. في تدشين حراك ثقافي ترددت أصداؤه عالميًا؛ حيث ساهمت “الجائزة العالمية للرواية العربية”[ii] التي تأسست عام 2007، في إثراء الساحة الثقافية العربية، وخلق حراك نقدي وإعلامي ومطبعي لافت حول فن الرواية، وقد رأت هذه الجائزة النور في أبو ظبي، وتُدار بالشراكة مع مؤسسة جائزة البوكر في لندن، وتُمولها هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة بالإمارات العربية المتحدة. وتشترط الجائزة بألا يرشِّح الكاتب روايته بنفسه، بل ينبغي لدار النشر المؤهلة للتقدم أن تتولى عملية الترشيح، وأن يكون الناشر المؤهل للتقدم إلى الجائزة ناشطا في المجال، وأن تكون دار النشر قد مر عليها ما لا يقل عن عامين في ممارسة النشر، وأن يكون لديها قائمة منشورات روائية متاحة علنيا تُثبت نشاطها، وتبلغ المكافآت الإجمالية للجائزة نحو مئة ألف دولار أمريكي سنويًا، وإلى جانب المكافآت المالية تحرص المؤسسة على ترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنجليزية، في إطار سعيها إلى ضمان إشعاع عالمي للإبداع الروائي العربي.

  • جوائز تم تسميتها بأسماء مثقفين، ومبدعين، ورجال أعمال عرب مُهتمين بالإبداع:

في دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة عام 2003 “جائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب”[iii]؛ لتكريم مشاريع رواد الأعمال الاستثنائية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة والوطن العربي، وتهدف الجائزة إلى خلق بيئة تنافسية بين رواد الأعمال في الدولة والدول العربية، وتتكون فئات الجائزة لأفضل المشاريع في دولة الإمارات العربية المتحدة كالآتي: قطاع الصناعة، وقطاع الخدمات، والقطاع التجاري، والمشاريع التي يتم مزاولتها من المنزل والمُرَخصة في إمارة دبي (انطلاق)، وشروط الاشتراك في الجائزة: أن يكون المشروع مسجلًا قانونيًا، ويتخذ من دولة الإمارات مقرًا له، وأن يكون مملوكًا ومدارًا من قبل مواطني الدولة، ويُصنف المشروع بحسب العمر كالتالي: المشاريع التي يتم مزاولتها من المنزل المرخصة في إمارة دبي (انطلاق) حتى عمر 3 سنوات، والمشاريع الناشئة من ستة أشهر إلى سنتين، والمشاريع القائمة من سنتين إلى سبعة سنوات … بينما تُعتبر “جائزة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للشباب العربي”[iv] من أهم المسابقات والفعاليات السنوية في العالم العربي، التي تشجع الشباب من سن الـ12 إلى سن الـ21 عامًا على الإبداع والابتكار والمساهمة النشطة في ريادة الأعمال، وتتميز الجائزة بكونها مسابقة متاحة لكل شباب البلدان العربية، وليست مقتصرة على شباب الإمارات، كما تتميز بتنوع مجالاتها، وفروعها، لتشمل مجالات الآداب، والفنون، والعلوم، والرياضة، فضلًا عن ريادة الأعمال، والمساهمة في الأنشطة الإنسانية والاجتماعية، وتصل القيمة الإجمالية للجائزة إلى 120 ألف درهم إماراتي، مقسمة إلى ثلاث فئات؛ وهي: الشباب العربي المبدع، المشروع المبدع، الجهة الراعية للشباب العربي.

وفي الأردن، أطلق الملك عبد الله الثاني ابن الحسين “جائزة الملك عبد الله الثاني للإنجاز والإبداع الشبابي”[v] خلال المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2007، بهدف تسليط الضوء على جهود الشباب المتميزة في تحقيق التغيير الإيجابي وفق أولويات واحتياجات مجتمعاتهم المحلية، والتركيز على أهمية ممارسة الحوار بين الشباب العربي؛ لإزالة الحواجز وتشجيعهم على التكاتف والتعاون فيما بينهم، وتُمنح الجائزة مرة كل عامين، ويتوجب على الراغب في المشاركة أن يكون حاملًا لجنسية عربية، وألا يقل عمره عن 21 سنة، ولا يزيد عن 35 سنة، وأن يكون مؤسس أو أحد مؤسسي مشروع يدخل في إطار الريادة المجتمعية، شريطة أن يكون قد مضى سنتين على الأقل على تنفيذ نشاطات المشروع.

أما في فلسطين فنجد الجائزة السنوية “جائزة منير الكالوتي للشباب الفلسطيني الريادي”[vi]، التي أُنشئت عام 2012 لتستهدف الشباب الفلسطيني المُقيم في مناطق عمل المؤسسة، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 40 عاماً، الذين يسعون إلى تأسيس أو تطوير مشاريع ريادية متميزة ومبدعة، ضمن مفهوم ريادة الأعمال، والريادة الاجتماعية، وتصل قيمة الجائزة الكلّية إلى 50 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى درع تكريمي يحمل اسم الفائز وشعار “التعاون”، موزعة على خمس مبادرات كحد أقصى، أي بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي للجائزة الواحدة كأقصى حد.

كما أطلقت مؤسسة عبد الحميد شومان “جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب”[vii] عام 1982، وذلك سعيًا من المؤسّسة لدعم البحث العلمي وإبرازه في أنحاء الوطن العربي، والمشاركة في إعداد وإلهام جيلٍ من الباحثين والخبراء والاختصاصيين العرب في الميادين العلمية المختلفة، في ظل الإمكانيات المحدودة لدى المؤسسات والجامعات والأفراد، وتُمنح الجائزة في أحد الحقول التالية: العلوم الطبية والصحية، والعلوم الهندسية، والعلوم الأساسية، والآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية، والعلوم التكنولوجية والزراعية، والعلوم الاقتصادية والإدارية، ويستحق الفائزون شهادة تتضمن اسم الجائزة واسم الفائز، والحقل الذي فاز فيه، ومكافأة مالية مقدارهاعشرون ألف دولار أمريكي، ودرعًا يحمل اسم الجائزة وشعارها.

وعلى صعيد الإبداع العلمي والرياضي، تهدف “جائزة ناصر بن حمد آل خليفة للبحث العلمي في المجال الرياضي” في مملكة البحرين، إلى تشجيع الباحثين والمتخصصين الشباب البحرينيين أو المقيمين على الابتكار وإجراء البحوث العلمية في حقول المعرفة “التربية البدنية والعلوم الرياضية”؛ للارتقاء بالرياضة محليًا وعربيًا، وتصل القيمة الإجمالية للجائزة إلى 150 ألف دولار أمريكي، ومن شروط التقديم لهذه الجائزة، أن يكون مقدم البحث بحرينياً أو مقيماً داخل مملكة البحرين، وأن يكون البحث متميزاً في موضعه ومتوافقاً مع أهداف الجائزة، مع الالتزام بقواعد البحث العلمي من حيث الأصالة والجدية ودقة التوثيق وسلامة المنهج والقيمة التطبيقية لنتائج البحث، كما يجب ألا يكون البحث قد سبق أن قدم إلى جهة أخرى أو سبق نشره، وتُقبل الأعمال المشتركة من قبل الباحثين، بشرط ألا يزيد العدد عن ثلاثة باحثين، على أن يتم ذكر أسمائهم في البحث [viii].

‌ج.    جوائز تحمل اسم دول عربية أو عواصمها:

إيماناً بأهمية تنمية وتمكين الشباب عبر تضافر كافة الجهود الرسمية والأهلية، أطلقت وزارة الثقافة بالمملكة العربية السعودية “جوائز السعودية الثقافية الوطنية”[ix] لتكريم المبدعين السعوديين سنوياً، في مختلف القطاعات الثقافية، وقد قُسمت الجوائز إلى أربعة مسارات رئيسية، جائزة الرواد، جائزة الثقافة للشباب، جائزة المؤسسات الثقافية، والمسار الرابع يضم عدد 11 جائزة، تشمل جميع قطاعات الثقافة في المملكة. وستفتح وزارة الثقافة باب التسجيل والمشاركة، وفق آليات محددة سيتم الإعلان عنها في الدورة الأولى للجوائز، في الربع الثاني من عام 2020… وعلى صعيد تعزيز قدرات الطلبة وتنمية مهاراتهم في مختلف المجالات: الشخصية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها، والسعي إلى توفير بيئة مُحفزة للأنشطة الطلابية المتميزة، فقد أطلقت الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الطائف، ممثلة في إدارة النشاط الطلابي، “جائزة التميز لساعة النشاط”[x]؛ لحث المعلمين ورواد النشاط، من جميع الفئات دون شرط أو قيد، على المشاركة الفاعلة، واستنهاض الأفكار الإبداعية في اقتراح وتنفيذ الأنشطة. وتشمل هذه الجائزة، التي تعد الخطوة الأولى للمشاركة على مستوى وزارة التعليم في جوائزها المختلفة، ست فئات للتميز؛ وهي: المدرسة المتميزة، والمشروع المتميز، والطالب المتميز، والمشرف المتميز، والقسم المتميز، وفريق ساعة النشاط، وقد حددت هذه الجائزة مجموعة من المعايير والاشتراطات الواجب توافرها لخوض المنافسات، منها أن تكون جميع الوثائق والشواهد المقدمة للجائزة حديثة، وموثقة من جهة رسمية معتمدة داخل الوزارة أو خارجها؛ كما ينبغي أن يتطابق محتوى جميع هذه الوثائق والشواهد مع الواقع الفعلي، ويحق للجنة المُحكمة لهذه الجائزة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في حال مخالفة ذلك.

وتحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات، اُطلقت “جائزة الإمارات لتشجيع الشباب العربي[xi]، كإحدى مبادرات مؤسسة الإمارات، والتي تدار من خلال برنامج “كفاءات”، بهدف تعزيز ثقافة ريادة الأعمال، بما يتماشى مع الخطة الاستراتيجية الوطنية للدولة. وتستهدف هذه الجائزة شباب الخليج العربي، والمقيمين في دولة الإمارات العربية، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، سعياً إلى تفعيل دور الشباب، والاستفادة من توجهاته الإيجابية، نحو إبداع أفكار جديدة وحلول مبتكرة، للتعامل مع التحديات الاجتماعية. ويحصل الفائزون على جوائز مالية تصل قيمتها إلى 145 ألف درهم إماراتي … وبناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وانسجاماً مع جهود سموه في دعم الموهوبين من الكُتّاب والكاتبات في دولة الإمارات وفي أنحاء الوطن العربي الكبير، تأسست “جائزة الشارقة للإبداع”[xii] عام 1996، لتتبنى اكتشاف المواهب الأدبية من المبدعين، الذين ليس لديهم إصدارات سابقة على الجائزة، وتشمل ستة فروع؛ وهي: الرواية، والشعر، والقصة القصيرة، والمسرح، وأدب الطفل، والنقد، وتُكرر هذه الجائزة أيضاً شرط ألا يزيد عمر المتسابق عن أربعين عاماً.

وتتويجًا للسعي العربي الدؤوب لتعزيز قيم ومفاهيم العمل التطوعي، جاء ملتقى مبادرات الشباب التطوعية والإنسانية ليعلن عن “جائزة الكويت لمبادرات الشباب التطوعية والإنسانية”[xiii]، لتكون الفعالية الأبرز التي تسلط الضوء على الشباب العربي الإيجابي، وتُبرِز ما يقدمونه من جهود في خدمة قضايا مجتمعاتهم، وتقديم الحلول المبتكرة لدعم القضايا الإنسانية باختلاف تخصصاتها ومجالات عملها، لتكون الجائزة فرصة للقاء الشباب المهتم بالعمل التطوعي والإنساني من مختلف الدول العربية، بما يمنحهم الفرصة لتبادل أفكارهم وتطوير مبادراتهم ومشاريعهم، ويستهدف هذا الملتقى مبادرات الشباب العربي، الذين لا تتجاوز أعمارهم 36 عاماً، على أن تخضع هذه المبادرات لموافقة وتقييم اللجنة الفنية المختصة.

  • جوائز تخاطب مبدعين الأقطار العربية بشكل عام:

أما “جوائز مهرجان إبداع الشباب العربي في المجالات الأدبية والعلمية والفنية، لطلاب الجامعات والمعاهد، والأكاديميات الحكومية والخاصة”، التي تنعقد في القاهرة سنويًا، فقد جاءت لتتضمن مسابقات في العزف الفردي، والأفلام القصيرة، والغناء الفردي، والمراسل التلفزيوني، والرواية، والشعر، والقصة القصيرة، والإنشاد الديني، وذلك تأكيدًا على الاهتمام برعاية ودعم الشباب في مجالات الإبداع المختلفة، على أن تتراوح أعمار المتسابقين بين 18 و27 عامًا. [xiv]

وانطلاقًا من حرص الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، على دعم منظمات المجتمع المدني المعنية بتفعيل دور الشباب العربي، نَظَّمَ مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة “جائزة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة للشباب العربي المتميز”[xv]، بهدف تشجيع الشباب العربي، وتُمنح جائزة المجلس إلى الشباب العربي المتميز في مختلف المجالات (الإعلام، الثقافة، الاختراع، الابتكار، الفن، الآداب، الاقتصاد، العمل التطوعي والخدمي، البحث العلمي، العمل الشبابي، ريادة الأعمال، التقنية، الأفكار المبتكرة، الإغاثة وإدارة الأزمات، ومجال التوثيق التاريخي والتراثي، والرياضة بفروعها)، على ألا يتجاوز عمر المرشَّح 45 عامًا.

هـ . جائزة العامل مع الشباب !

عند الحديث عن تمكين الشباب وتحفيزهم وبناء قدراتهم وصقل مواهبهم يسطعُ نجمُ “العامل مع الشباب” ويبرُز اسمه إذ إن ما سبق هو جوهرُ عملهِ ومحورُ اهتماماته،فهل هنالك جوائز أو فعاليات عربية مخصصة لهذا العامل؟،دعونا نستعرض هذا الملف..

إن الوعي بهذا الموضوع جاء متأخراً في العالم العربي، على الرغم من تردد أصداءه على الساحة الغربية خلال العقود الأخيرة تأكيداً على أهمية إشراك الشباب في رسم حاضرهم ومستقبلهم من خلال تأهيلهم للقيادة، وتدريبهم على كيفية تحمل مسؤولية الآخرين، ورفع وعيهم بأهمية الانخراط والمشاركة في بناء وتنمية مجتمعاتهم بما يتجاوز المصالح الفردية. وهو موضوع واسع النطاق يشمل الكثير من الأنشطة ذات الطبيعة الاجتماعية، الثقافية، التعليمية، السياسية، الرياضية والخدمية المرتبطة بالشباب. وقد لوُحظ اتساع خريطة انتشار هذا الموضوع لتشمل مزيداً من الدول الغربية، إذ تبنته هيئات عامة بموجب قوانين رسمية وتشريعات محددة، وأخرى تابعة لمؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. وتُقدم هذه المؤسسات العديد من الجوائز التحفيزية والمكافآت لمن يتوافر لديهم شرطاً أو أكثر يتحدد وفقاً لمتطلبات كل هيئة أو مؤسسة، ونذكر من بين هذه الشروط: المعرفة العملية والنظرية في سياق مرتبط بالعمل مع الشباب؛ القدرة على تولي قيادة الفرق والمجموعات وتنسيق وتنظيم ورش العمل وتنفيذ الأنشطة التعليمية والاجتماعية والترفيهية؛ فهم المبادئ النفسية والتربوية لتوجيه وإرشاد الشباب، وتقديم المشورة، والاستماع الفعال وإبداء الرأي.

ومن الجوائز الغربية المرموقة في هذا النطاق؛ نذكر “جوائز الكومنولث السنوية للعاملين مع الشباب”، التي أُطلقت أول مرة عام 2013م، لاكتشاف قدرة العاملين مع الشباب على حل المشاكل الوطنية والمحلية، وتوجيه الشباب الآخرين للمشاركة في بناء وتنمية الدولة. ويتنافس المشاركون حول مدى مساهمتهم في تمكين الفئات المهمشة، أو تعليم الآخرين، أو المساهمة في تحقيق السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، أو تعزيز مجالات الصحة والرياضة والثقافة، أو حماية بيئة. ويتم اختيار الفائزين بالجائزة من قِبل لجان التحكيم الإقليمية التي تتكون من قادة الشباب ومسؤولي وزارة الشباب والعاملين الشباب وموظفي قسم الشباب في أمانة الكومنولث … أما “جائزة أفضل عامل مع الشباب”، التي حظيت بدعم وزير الشباب، فهي تستهدف العاملين مع الشباب الذين قدموا مساهمة بارزة لمجتمعهم المحلي في غرب أستراليا من خلال القيام بعمل مدفوع أو تطوعي في قطاع خدمة الشباب. هذه الجائزة مفتوحة للأشخاص من أي عمر. وتُحدد هذه الجائزة شروط لراغبي التقدم لها، وهي كالآتي: إثبات الشغف والالتزام بتحسين ظروف الشباب في مجتمعاتهم، وتأسيس شراكات وبرامج مستدامة تُحقق نتائج أفضل للشباب في غرب أستراليا، وفهم المعايير المهنية والمبادئ التنظيمية لعمل الشباب.

ولا يمكن إغفال الفعاليات والبرامج العربية التي نُظمت في هذا الخضم، حيث نذكر من بينها “مؤتمر العاملين مع الشباب”  الذي أُقيم في الرياضالمملكة العربية السعودية خلال شهر أكتوبر 2019 م، تحت رعاية معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية، كمبادرة وطنية من المؤسسات المجتمعية المهتمة بتنمية الإنسان بصفة عامة وخاصة الشباب، لتجمع الجهات العاملة مع الشباب في مكان واحد في حوارات وزارية ولقاءات معرفية وشراكات بين الجهات. فقد ساهم هذا المؤتمر في تعزيز جدارة العاملين مع الشباب وتحفيزهم من خلال مساهمته بنشر الوعي باتجاهات العمل مع الشباب وإدراك احتياجاتهم، أهمية تطوير المهارات والإبداع في العمل مع الشباب، القدرة على تصميم وإدارة البرامج الشبابية وقياس نتائجها. كذلك زيادة فاعلية الجهات العاملة مع الشباب وفق رؤية المملكة 2030 من خلال الندوات الحوارية والأوراق العلمية والتجارب المحلية والإقليمية، حيث يتيح المؤتمر للمشاركين الالتقاء بالجهات المانحة، بالإضافة لجلسات استشارية مع مختصين وساحة للتعارف وبناء الشراكات، في ختام فعاليات المؤتمر تم توزيع شهادات تقديرية لجميع المشاركين.

وفي دولة الكويت، جاء “مخيم العاملين مع الشباب”، الذي نظمته الهيئة العامة للشباب خلال شهر يوليو عام 2019 لاستهداف أعضاء المجلس الشبابي الأول، والتأكيد على دور الشباب في البرامج الشبابية المتخصصة ومُجمل ما يتعلق بمفاهيم التنمية الإيجابية والديمقراطية والحوار. كما سعى إلى ترسيخ مفهوم أن الواجبات والحقوق تجاه المجتمع والدولة عملية تبادلية. إن هذا المخيم الذي استمر لمدة شهر كامل، قد تضمن 120 ساعة تدريب لصقل مواهب وقدرات الشباب، والعمل على نقاط الضعف لديهم، وإبراز طاقاتهم، وإفساح المجال أمام إبداعاتهم. واختتم المخيم بتكريم القادة الشباب المتميزين لتشجيعهم على بذل المزيد من الجهد للتفوق ونفع الأمة، الأمر الذي يتماشى مع تطور التنمية الشبابية حول العالم، ويُركز على ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب، وتطوير لغة الحوار والتواصل والاستماع للشباب بشكل مؤسسي.

وعلى الرغم من هذه المساعي العربية المذكورة أعلاه، إلا أننا يجب أن نضع في اِعتِبارَنا أن الأقطار العربية لم تستكمل بعد مساراتها اللازمة لرفع الوعي العربي حول أهمية تحفيز العاملين مع الشباب وتقويم أدائهم وتدريبهم على كيفية قيادة الشباب لكي يصبحوا كفاءات وأصولًا قادرة على النهوض بمجتمعاتهم.وختاماً، مهما يكن من جدل حول دور الجوائز وماهيتها كمعيار للثقافة والجودة، فالقيمة تكمُن في آليات تحفيز الفرد على استخدام قدراته ومهاراته المكتسبة، كي تنعكس على واقعه الاجتماعي المحيط به، وبذلك يتمكن من ممارسة قدر من المسؤولية الاجتماعية؛ أي أن يستطيع التسلح بالخصائص الاجتماعية، والخبرات الجماعية والعالمية التي تتطلبها عمليات التنمية.. لأجل هذا فقد حان الوقت لتكون هنالك جوائز للعاملين مع الشباب في عالمنا العربي.

 

 

 

 

 


[i] Denise Montgomery, The Rise of Creative Youth Development, available at: هنا

[ii] لمزيد من المعلومات حول “الجائزة العالمية للرواية العربية”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[iv] لمزيد من المعلومات حول “جائزة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للشباب العربي”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[v] لمزيد من المعلومات حول “جائزة الملك عبد الله الثاني للإنجاز والإبداع الشبابي”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[vi] لمزيد من المعلومات حول “جائزة منير الكالوتي للشباب الريادي”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[vii] لمزيد من المعلومات حول “جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[viii] أحمد عبد العزيز الجار، “جائزة ناصر بن حمد آل خليفة للبحث العلمي في المجال الرياضي.. مبادرة للارتقاء بالحركة الرياضية البحرينية علميًا”، جريدة أخبار الخليج، سبتمبر 2017، متاح على الرابط: هنا

[ix] لمزيد من المعلومات حول “الجوائز الثقافية الوطنية”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[x] لمزيد من المعلومات حول “جائزة التميز لساعة النشاط”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[xi] لمزيد من المعلومات حول “جائزة الإمارات لشباب الخليج العربي”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[xii] لمزيد من المعلومات حول “جائزة الشارقة للإبداع العربي”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا

[xv] لمزيد من المعلومات حول “جائزة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة للشباب العربي المتميز”، يرجى الاطلاع على الرابط: هنا